سورة الكهف

سورة الكهف



الحمد لله كلنا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة و الكثير من الأحباب جزآهُم الله خيرا في  يوم الخميس من كل أسبوع يذكروننا عبر شبكات التواصل الاجتماعي على اختلافها بالمشاركات التي تحثنا على قراءة سورة الكهف لما ورد في السنة النبوية من تأكيد على قراءة هذه السورة بالتحديد في يوم الجمعة.

في هذه التدوينة أردت أن أوضح لكم أحبابي لماذا نقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة. بالطبع يوم الجمعة يبدأ من ليلة يوم الخميس إلى مغرب يوم الجمعة.
سورة الكهف هي السورة رقم 18 في الترتيب في المصحف الشريف عدد آياتها 110 آية وهي إحدى السور الخمس التي افتتحت
ب " الحمد لله " الفاتحة - الأنعام - الكهف - سبأ - فاطر.
الأحاديث الواردة بخصوص سورة الكهف:
 هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تخص هذه السورة منها:
-عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق ". رواه الدارمي ( 3407 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في ” صحيح الجامع ” ( 6471 ) .
-عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين “.
قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به.
( ” الترغيب والترهيب ” 1 / 298 )
-حديث آخر أخرجه مسلم واحمد وابو داوود والترمذي والنسائي عن ابي الدرداء ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من حفظ عشر آيات من اول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال).
-وأخرج احمد والنسائي ومسلم وابن حبان عن ابي الدرداء قال:قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قرأ العشر الاواخر من سورة الكهف عصم من فتنةالدجال).
أكتفي بهذه الأحاديث و دعونا نركز على الحديثين الأخيرين حيث أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن فتنة الدجال و أن قراءة عشر آيات من أول سورة الكهف و كذلك آخر سورة الكهف تقي من فتنة الدجال.
قارئ سورة الكهف لو تدبر و تأمل العبر الموجودة في هذه السورة العظيمة وكل القرآن الكريم سوره عظيمة. لوجد أن السورة تحدثنا من خلال أربعة قصص عن أربع أنواع من الفتن يُفتن بها الإنسان و قد جاء ترتيب هذه الفتن حسب شدتها وعُظمها. 
كثيرة هي الفتن التي نعيشها اليوم في عالمنا العربي و الإسلامي و للأسف باسم الدين و الدين من هذه الفتن براء. كما أن الكثير من المفكرين والشباب و الشابات من أبناء جلدتنا يتفاخرون بكتاباتهم عن الدين ورفعهم لشعارات مسيئة على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي تزدري الدين أقول لهم أن الدين باق إلى ما شاء الله و أنتم وكتاباتكم إلى الجحيم إن شاء الله إلا من رحم الله. و أن هذا الدين هو طريقنا إلى الخلاص و الفوز بالجنان إن شاء الله .
قال تعالى:
" أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ "(17) الرعد
أعود إلى تفصيل ما ورد في سورة الكهف عن الفتن و هي أربعة:
الفتنة الأولى - فتنة الدين:
قصة أهل الكهف قصة عن شبان آمنوا بالله و من خشيتهم على إيمانهم آووا إلى الكهف خوفا على إيمانهم من الملك الظالم الكافر في ذلك الزمان و بمشيئة الله مكثوا في الكهف ثلاثمائة سنة و ازدادوا تسعا ثم بعثهم الله ليجدوا أن كل أعل البلدة التي هربوا منها على دين التوحيد.
قال الله تعالى:
"إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا" (10 الكهف)
ثم تبين لنا الآيات التالية كيفية العصمة من هذه الفتنة.
قال الله تعالى:
"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا(28) وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا"(29).الكهف

الفتنة الثانية - فتنة المال:
وهي جلية في قصة صاحب الجنتين الذي كفر بأنعم الله و أنكر حقيقة البعث فأهلك الله جنتيه.
قال الله تعالى:
"وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا(35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا"(36).الكهف
ثم تبين لنا الآيات التالية كيفية العصمة من هذه الفتنة.
قال الله تعالى:
"وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا(45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا" (46).الكهف
فالباقيات الصالحات خير عند الله وهن مفاتيح الجنان يوم لا ينفع مال و لا ولد وفي التفسير الباقيات الصالحات ذكر الله وعلى رأسها هذه الكلمات:
 سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الفتنة الثالثة - فتنة العلم:
فمهما بلغ الإنسان من علم لا يغتر بعلمه فالله أعلى و أعلم يأتي علمه من يشاء من عباده. وهنا تأتي قصة الرجل الصالح الخضر الذي أتاه الله من العلم ما لم يأت نبي الله موسى عليه السلام فأتبعه سيدنا موسى عليه السلام ليتعلم منه مما علمه الله.
قال الله تعالى: 
"فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا(65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"(66).الكهف
وهنا يجب ألا يغتر الإنسان بعلمه فمهما علم يجب أن يتواضع لله لأن هناك من أعلم منه كما قال موسى:
"قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا" (69). الكهف

الفتنة الرابعة - فتنة السلطة:
كُثر هم الذين يجرون وراء السلطة اليوم و يتناسون المسئوليات الملقاة على عاتقهم تبعا لهذه المسئولية و ما ورد عن ذي القرنين ذلك الملك العادل الذي جاب العالم غربه و شرقه تحمل هذه المسئوليات و بدا جليا في حمايته للقوم المتأذين من يأجوج و مأجوج حيث قام بمساعدتهم لبناء سد يحول بين هؤلاء القوم و قوم يأجوج و مأجوج وهم محشورين أي قوم يأجوج و مأجوج خلف هذا السد إلى أن يشاء الله.
قال تعالى:
"قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا"(96). الكهف
الإخلاص في الأعمال سبب لتجنب فتنة السلطة.
قال تعالى:
"قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" (104) الكهف

علاقة الدجال بسورة الكهف:
الدجال سيأتي في أخر الزمان مجسدا لهذه الفتن الأربعة على النحو التالي:
- يطلب من الناس عبادته من دون الله. وهذه فتنة الدين.
- سيأمر السماء بالمطر ويفتنهم بما لديه من أموال - وهذه فتنة المال.
- فتنة العلم بما يخبر به الناس من أخبار لا يعلمونها.
- يسيطر على أجزاء كبيرة من الأرض. و هذه فتنة السلطة.
الختام:
وتأتي خاتمة سورة الكهف بالآية التي تعصم من كل هذه الفتن وتحثنا على عدم الشرك بالله سبحانه وتعالى.
قال تعالى:
"قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"(110) الكهف

"اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن". اللهم آمين

ليست هناك تعليقات: