الجمعة، 13 ديسمبر 2013

النووي الإيراني

النووي الإيراني



أنا لست من مؤيدي إيران و لا مؤيد للتكنولوجية النووية بشقيها السلمي و العسكري و لكن سأتناول هذا الملف من منظور آخر. فقراءة العناوين لا تكفي و أحيانا تكون مضللة لذلك دعونا نقرأ مابين السطور ونتعمق أكثر في هذه القضية التي تشغل بال الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية و دول المنطقة و على رأسهم إسرائيل.

الأردن على سبيل المثال لديه برنامج نووي و يسعى لبناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة بحلول عام 2022 ومن قبله إيران لديها برنامج نووي العنوانين متشابهين تماما ولكن ما الفرق هنا المفروض لا شيئي و لكن من منظور العالم الغربي و إسرائيل و معظم الدول العربية و بعض جيران إيران الموضوع مختلف تماما.
برنامج الأردن النووي لم يلق معارضة من أحد لأن الأردن يتبع الإجراءات اللازمة لبناء المفاعل حسب البرتوكولات المعمول بها دوليا وحسب شروط الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بينما إيران التي أطلقت برنامجها النووي في خمسينيات القرن الماضي زمن الشاه محمد رضا بهلوي و بمساعدة أمريكية بعد الثورة الإسلامية توقفت هذه المساعدات كما توقف البرنامج النووي بسبب الحرب مع العراق و معارضة رجال الدين الإيرانيين.
استأنفت إيران البرنامج النووي في عام 1989 و كان مفاعل بو شهر باكورة هذا البرنامج الذي تم بمساعدة وكالة روسأتوم الروسية الحكومية و قد أفتتح رسميا عام 2011 ووصل لأقصى طاقته الإنتاجية في العام 2012.
إيران التي تدرك تماما أن العبث في التكنولوجية النووية قد يصبح كارثة مدمرة كما حصل في تشير نوبل عام 1986 و اليابان عام 2011  فمنذ بداية البرنامج النووي السلمي لإنتاج الطاقة و المسئولين الإيرانيين يصرحون بأن بلدهم لا تسعى لا تسعى لامتلاك سلاح نووي بل أفتى رجال الدين و على رأسهم روح الله الموسوي الخميني الذي أمر بوقف البرنامج قبل وفاته عام 1989 أن السلاح المدمر يتنافى مع الدين الإسلامي.
هذه التصريحات لم تقنع الغرب و فرضت العقوبات على إيران بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2003 عن عدم تعاون إيران في مجال تخصيب اليورانيوم و هو جوهر الخلاف بين الغرب و إيران و رغم ذلك سارت إيران التي رفضت ما جاء في التقرير قُدما في مشروعها وحسب ما أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد أن إيران ستستمر في البرنامج النووي  و لن تذعن لقوى الاستكبار و أن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن غير قانونية.
 بمعلومات بسيطة لتوليد الطاقة النووية السلمية تكون الحاجة لتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تزيد عن 5% والذي يخشاه الغرب أن تكون إيران رفعت مستويات التخصيب لنسبة أعلى تؤدي لإنتاج قنبلة نووية. تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% هي النسبة التي تستخدم في إنتاج القنبلة النووية ( مع العلم أن إيران وصلت إلى نسبة تخصيب 20% ) حيث يطالب الغرب إيران بالتخلص من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب و الجولات بخصوص هذا الموضوع بين الغرب و إيران لم تنتهي بعد.
إيران بعد ما كانت في زمن الشاه ولد مطيع للغرب بدأت تغير هذه النظرة بعد الثورة الإسلامية. إيران لا تريد أن تبقى بيدقا على رقعة الشطرنج التي يلعب بها اللاعب الغربي و الشرقي إيران تريد أن تصبح بل أصبحت أحد اللاعبين و لو على المستوى الإقليمي فجارتها باكستان و التي مُلّكت بضم الميم وكسر و تشديد اللام السلاح النووي لكسر المعادلة في شبه القارة الهندية بعد قيام الهند بتجاربها النووية كان لابد من توازن في المعادلة من جانب إيران بأن لها القدرة على إمتلاك هذا السلاح.
كما أن إيران رغم الحرب مع العراق التي أهلكت اقتصادها استطاعت أن تبني المصانع و تنهض فصناعة السيارات تأتي في المقام الثاني بعد إنتاج النفط الخام عدى عن الصناعات العسكرية وغيرها التي لا تجد لها سوقا في ظل الحصار و العقوبات الخانقة التي تؤثر سلبا على اقتصادها بينما جل الدول التي تسبح في الفلك الأمريكي تنعم بالخيرات حتى ولو بشكل مذل ومخزي.
الدول العربية والتي في معظمها تقاطع إيران و منتجاتها و تطلق الحملات لهذه المقاطعة تحت شعارات دينية نسيت أن أسواقها مفتوحة لدول ملة الكفر.إيران تبني و تصنع والعرب يستهلكون ما يصنع الآخرون إيران تلوح و تهدد الكيان الصهيوني الذي يهدد بضرب المفاعلات النووية الإيرانية بينما يتسابق العرب لإطلاق المبادرات ويتهافتون على مصافحة الكيان الصهيوني و المصالحة معه إرضاء لأسيادهم في الغرب بل وصل الحد أن السعودية طلبت من باكستان إمدادها بالسلاح النووي لمواجهة الخطر الإيراني و نسيت أن المنطقة برمتها تقعد على ترسانة من الأسلحة النووية مكدسة ليست بعيد عن السعودية في إسرائيل ألا يشكل هذا تهديدا للسعودية و الدول العربية بأكملها و الماضي القريب يذكرنا بما قامت به إسرائيل على مرأى و مسمع كل الدول العربية يوم قامت بتدمير المفاعل النووي العراقي .أين أنتم يا عرب لقد زرع الغرب في دولنا العربية روح الفتنة فهذا سني وهذا شيعي.
هاهي إيران تخرج من ثوب الغرب و العرب يلبسون حفاظاته ألا نستحي ألا نغار خسئت أمة تلبس مما لا تحيك و تأكل مما لا تزرع. 

ليست هناك تعليقات: